كان هذا هو رد صديقي حين وجدته ينتقد احد الموضوعات التي سجلتها في المدونة .. وحين تعجبت لأنه لم يسجل رأيه في الموقع مباشره .. كان هذا رده .. فصديقي العزيز .. خائف من مجرد كتابة تعليق على الموقع ... لماذا ؟؟ لأنه سمع عن المدونين الذين تم القبض عليهم و تعذيبهم و اعتقالهم .. كان يخشى على نفسه سوء المصير .. كان يخشى على نفسه من ضربة قفا .. أو بوكس من مخبر .. ومن يدري .. ربما يتطور الموضوع كما حدث ليصل إلى اعتداء جنسي أو جسدي عنيف
قال لي صديقي : لو اتخانقت مع واحد في الشارع وضربك بالقلم .. و رديت انت عليه بميت قلم .. هتروح البيت و انت نفسك مجروحه لأنه ضربك .. مع انك رديت عليه القلم ميه .. لكن هيفضل القلم بتاعه معلم في نفسيتك فتره طويله .. ما بالك بواحد ضربوه بدل القلم ميه .. و بدل القفا عشره و مش بس كده دول كمان عملو معاهم حاجات وحشه اوي اوي .. كل ده و انت ف الآخر مش قادر ترد عليهم حتى .. وكأنك مغلوب على أمرك او حرامي غسيل مسكوه في مولد
نظرت له في حيره .. وربما اكون قد فقدت تركيزي لثواني .. فأنا رغم تسجيلي لمدونة .. و رغم معرفتي بكل ما يحدث في السجون المصريه و ما حدث خلال التظاهرات الأخيره .. إلا انني لم اتخيل قط .. أن اكون احد هؤلاء المعتقلين .. أو ان تكون تلك الضربات او اللكمات محلها وجهي انا .. و جسدي انا ؟؟ .... و برغم فتره الذهول تلك .. إلا انني سريعا ما تمالكت نفسي وقلت له يا عزيزي ... الموضوع ليس خناقة ؟؟ الموضوع يحمل سبب .. يحمل هدفا .. وليس مجرد مشاجره على المقهى مع رجال الحكومة الوحشين .. الموضوع اكبر من ذلك .. الموضوع حقي و حقك .. حق ولادك من بعدك في مستقبل مختلف عن ذلك الذي نعيشه والذي يجعلنا ننتظر الفرصه الأولى لمغادره هذه البلاد إلى الصومال حتى .. يجعلك لا تقدر على ان تقضي يوما واحدا بدون هم و تعب و ألم .. كل هذا يستحق التضحيه من وجهة نظري .. و لو بمجازفة
قال لي : هدف ايه يبني ؟ هوه انت فاكر انكوا هتغيروا الكون .. موووت يا حمار
ضحكت .. لا أنكر ان كلامه اضحكني .. برغم ما فيه من تشكيك واضح و نقد هدام لكل محاولاتنا الشبابيه جدا .. للتغيير .. بعيدا عن التعقيدات السياسية .. و الأهواء الحزبيه .. و المعارك الانتخابيه .. نحن فقط نحب مصر .. لا أكثر ولا أقل .. نحن فقط نريد بلدنا افضل .. نريد حياتنا افضل .. نريد ان نقدم لهذا البلد كافة حقوقه علينا .. و نتمنى ان ننال من ارضنا كافة واجباتها تجاهنا .. اقلها .. وان كان اثمنها .. هو الحرية .. و المعاملة الانسانيه
لا انكر ايضا ان كلام صديقي المحبط .. ليس الاول .. و لن يكون الأخير .. فكم سمعته منه و من غيره .. حاولت الرد كثيرا لكني فشلت في اوقات اخرى في اقناع الطرف الممتعض بجدوى هذه المحاولات .. لكنني كنت على يقين .. بأن ما أفعله و يفعله غيري ممن سبقوني هو أحد تلك الطرق البسيطه لتحقيق الحرية .. فأنت إن لم تؤثر على غيرك .. فيكفيك انك وجدت حريتك الشخصيه .. في النقد و التدوين .. وجدت لنفسك مساحه مرئية للتعبير عما يجول في خاطرك .. و الرد بقسوه على كل محاوله لانتهاك حقوقك و حياتك .. وجدت سبيلا للخروج من عالمك الضيق المليئ بالاحباطات و المناورات المستمره للخروج من تلك الحاله العامه باليأس .. اخبرت صديقي المحبط .. عن كم المشاعر المتراكمه التي اشعر بها بمجرد جلوسي على الكمبيوتر و كتابتي لتلك المدونات .. لا بد أنها تلك الطاقه الكامنه التي تخرج في شكل كلمات .. لا بد انها تلك الاهات المكبوته بعد يوم عمل طويل .. لابد انها تلك الاقتراحات البناءه التي تتراكم يوما بعد يوم ولا تجد لها طريق سوى برامج التلفزيون الهايفه .. أو برنامج برلمان الأطفال .. وهكذا كانت و ستكون
قال لي : ماشي ماشي يا عم .. هو ده اللي جالنا من السياسه و قرايتك للدستور .. بقيت فلسفوف ( يقصد فيلسوف ) .. و هتصدعنا بكلامك
أضحكني المدعوق على عينه مرة أخرى .. فهو مازال يذكرني بحديثنا عن حالة الاكتئاب الفظيعه التي تصيبنا بمجرد الانتهاء من قراءة جريده الدستور .. و التي اطقنا عليها متلازمه الدستور .. فمجرد انتهاءنا من قراءة كم الاخبار المحبطه و الكئيبه .. و للأسف الواقعيه .. التي تمتلىء بها الجريده حتى تجدنا اصبنا بحاله من القرف و الاحباط لا مثيل لها .. إلا أنني سريعا ما تداركت الأمر .. و قمت بعمل ترياق مضاد لأكتئاب ما بعد الدستور .. و هو تأجيل صفحه ( قلمين ) التي يكتبها بلال فضل و عمروسليم للنهايه .. لتكون خير نهايه لقراءتنا للجريده .. لأنها بحق تخفف عنا كثيرا من الأعباء التي نحس بها بمجرد قراءتنا للأخبار المحبطه التي تملىء جريده الدستور .. التي أدمناها وصرنا لا نقوى على فراقها
خلاص خلاص يا عم .. إنت حر .. اعمل اللي يريحك ( هكذا قال لي ) انت مش صغير
وأخيرا هزمته .. و جعلته يصل لمرحلة اليئس المطبق التي لا تليها جمله سوى ( اخبط دماغك في الحيط بلاش قرف ) .. و فعلا ما هي إلا دقائق وقالها .. لينتهي هذا الحوار الساخن والممل .. الذي وصلنا في نهايته إلى أنه ( أي صديقي المحبط ) قرر إنشاء مدونة خاصه به .. يسجل عليها قرفه و همه .. والباقي على الله